السبت، 18 يوليو 2015

نحو حركية إسلامية إنسانية:

مقدمة أولى:من إشكلاتنا الحركية :

1
بعد السرطان الفتاك الذي أصاب عقل وقلب الإسلام السياسي بسبب ممارسيه .. وسبب العديد من المصلحيين والتسلقيين والنفعيين الذين إخترقوا كل تياراته قمة وقاعدة .. وجراثيم العديد من الأفكار والمناهج التسلفية والإسلاموية والسياسوية الشاذة أو الشاردة .. بل والضالة على كل المنهج النبوي في الإصلاح لهفا نحو الكراسي السياسية ونحو  التسلط  اللذين جعلا كل الأحزاب التي كانت محسوبة على الإسلام تقصي  علومه وجل فقهياته الإجتماعية والإنسانية بل واقتصاده وكل فكره وفنونه وآدابه بعد إقصائها ومنذ البدء لحضاراته وتناسيها لكل تاريخه  .. 
فربت هاته التيارات ومنذ البدء  مسلما يدعي الأصالة دون معاصرة والبديل الإنساني دون إلمام بالفكر العالمي ولا بالعقل السياسي حتى العربي .. ودون وعي كبير ولا صغير بأن المهمة ليست باليسيرة ولا بالبسيطة وبأن المشروع مشروع أمة بل وعالم .. والمستقبل مستقبل صراع مع كل الأدمغة ومع كل ساسة العالم وكل قواه الصاعدة والمهيمنة .. 
فلقد إنزلق معظم زعماء السياسة الإسلامية  مع صورة التقوي الهيليودية بالسواد الكبير والجماهير العريضة ..حتى تتيسر لهم مهمة النفاد السريع .. فكان النقد الهدام لكل من سواهم ..والشعارات الشمولية الفارغة التنزيل ..  والتبسيط المثير للمسلم البسيط  : كافية  لاختراقهم السريع  لكل المؤسسات الإسلامية والعربية .. وعبر التكفير الموجب للجهاد كما هي حركاتهم المقاتلة.. أو عبر تكفيرهم  لكل العلمانيين والعلمانية رغم قبولهم للديمقراطية وبكل شروطها كوسيلة ..فكانت تزكية كل من أرخى لحيته وكان ذا وظيف أو جاه أو مال أونفود يعجل بهم نحو حصاد المقاعد  .. بعد المحاضرات الكثيفة حول الدين وبريق العمل الإجتماعي الأصيل فينا : كافية لتكثيف السواد كيفما شاء .. وبعض الأحزاب تعلن منذ نشأنها بأن لا علاقة لها بالغاضبين على النظام الذين ظلوا ضحايا ولليوم لعصابات القتال والأسلحة الدولية ..فكانت التربية الإسلامية البسيطة والحجاب واللحى والعمل الإجتماعي هي كل جديدهم مع ثرثرات فكرية لا عمل لهم بها بل ولا هموم لهم في تفعيلها  .. مما جعلها تيارات حيرة لكل خريجي العلوم الإسلامية وجل العلماء الذين ظلوا يراقبونها بكل دهشة .. فقليل منهم ولليوم العلماء والفقهاء.
فكانت لهم - ورغم كل هذا العوار البين-  نماذج تربوية وتعليمية وفنية مثيرة في البدء .. حيث غمسوا ولا زالوا يغمسون العديد من الأتباع في تجويد القرآن الكريم ودروس الفقه وبعض المحاضرات الفضفاضة البعيدة كل البعد على البناء الرباني لفكر وقلب وروح المسلم الحضاري الذي كان المرشح الأول لسوادها الأعظم...
2
فرغبوا في تغيير دول عربية ذات حضارة تاريخية عريقة بدعوى ذنوب مواطنيها وسكوت الحكام على العديد من مظاهر الإنحلال وفساد بعض قطاعاتها ثم بدعوى عدم الحكم بالشريعة عفوا بحدود الشريعة  المستحيلة شرعا ومنطقا ما لم توفر لها  شروطها..
وكان كل الحل منهم  شعارات : 
الإسلام هو الحل . 
عودة الشريعة .
الإسلام أو الطوفان .
 عودة القرآن للشارع .
السنة فرض.
عصر الخلافة.
وهي شعارات تآزرها بالطبع العديد من  الكتب الإسلامية الفقهية .. والتي لم يعر لنا سلبياتها إلا الفكر الإسلامي والفلسفة الإسلامية والتاريخ الإسلامي والعلوم السياسية  ثم التصوف السني ثم النقد الأدبي والفني والإعلامي للواقع العربي.
ولتزداد الكارثة سحقا لقلوبنا وهم يحرمون جل الفنون ويهمشون كل الآداب العربية بل وليحتار كل فكرنا وبعضهم يحرم الفلسفة والتدبر والتفكر وكل الفهم بل ويلغي أي حوار بدعوى قال الله وقال الرسول لا غير...
فكانت هناك سكتة كادت تكون قلبية والكتاب العربي الأدبي والفكري والسياسي الذي لا علاقة له مباشرة بالإسلام يخنق بكل قوة .. والمجلدات الفقهية تشترى لتتراكم كواجهة للخزانات الفاخرة .. وليحتقر المسلمون الجدد كل مفكري الخلف بدعوى:
 ( كل الفهم ما قد فهمه السلف)..
 وليقع الكتاب العربي والعقل العربي بل وكل العقل المسلم ولليوم في هوة ليس من اليسير الخروج منها وللأسف.
إذ كان النموذج هو تبسيط الدعوة وكأننا في فتح إسلامي جديد ..
فكنا ونحن شبابا لا نرى أنفسنا رغم الإيمان الكامل بالله وتمسكنا بالفرائض ما استطعنا إلا أقزاما أمام بريقهم .. بل  وصرنا لا نرى لنا نموذجا إلا ذاك الإسلامي الرياضي المجاهد الدارس للفقه والحافظ للقرآن والمنتمي للخلايا الإسلامية والمتعالي على كل من لا يماثله..
وفعلا كان هذا لا يعاب بل وكان تميزا وفضيلة عظمى لكل من لم يحشر نفسه في الفكر الإسلامي وكل إشكالاته العصية... بل وكان  نموذجهم هذا جد براق..  لكن للمسلم السلبي الذي لا علاقة إصلاحية ولا فكرية ولا سياسية عميقة له في المجتمع ... ولكل التائبين الجدد ...
فبنوا فعلا هذا النموذج المدعي للأصالة فرديا لكن الناسف وللأسف لكل الآداب والفنون والفلسفة والتاريخ ولكل الحضارات العربية والإسلامية إجتماعيا وعلميا وأدبيا بل وتربويا وحتى فنيا... وبالتالي لكل سيول الحياة الإسلامية .. فقد وقعنا في قطيعة حياتية جد سحيقة.
ولطالما نادينا في محافلهم بالتفتح على كل الأحزاب علميا وبالمسلم الحضاري كبديل ....
لكن (لا حياة لمن تنادي ..)
ولم نعلم بأن الفكر والحضارة والتاريخ الإسلامي وكل أدبنا العربي كانت ضد مصالحهم السياسية المتعجلة للكراسي إلا بعد كوارث ما بعد 2010 م..
حيث لم نفقه بأننا كنا فعلا في ضلال إسلاموي وتسلفي سحيق إجتماعيا وسياسيا وإنسانيا -ولا أقول فرديا ولا تعبدا-  إلا بعد فوات الأوان .. وبعد عقد نفسية وبالرغم من كل كآباتها حررتنا من كل أخلاقياتهم الإجتماعية والسياسية على الأقل ولله الحمد.
(فما النمودج التسلفي-الإسلاموي في السياسة إلا بيدقا لأعداء الأمة ..)
3
إنها حقيقة كانت حقا صادمة لنا لأنها لم تأت إلا بعد شباب كامل في الظلام...
إذ لم نع بأن المسلم الذي لم يلوث بكل هاته السياسويات أصفى وأوعى وربما أطهر إلا بعد معانات فمعانات..
  وقد انكشفت كل الأمور اليوم وساسة العالم  يحركونهم اليوم جهارا  كيفما وأنى ومتى يشاؤون.. ويزرعونهم كخلايا ميتة أنى شاؤوا .. وبما فيهم الأحزاب المدعية للإعتدال: فالنموذج صار إن لم يطبب كله  تهديد .. وللأسف :
إنها حقيقة لم نتأكد منها وللأسف إلا ونحن نرى الأسرار جهارا ... وأيادي أعداء الأمة تريد العودة بنا لنموذج الإنقلاب البروتستانتي على الكاثوليك بنفس اللعبة ..:
سحق كل المعالي الحضارية للمسلمين بنموذج المسلم البسيط والذي لا تتوفر فيه شروط  القيادة الفكرية وتقديمه كزعيم للأمة. 
فمن قرون والمعاول هدامة في عقل وقلب المسلم لتهميش كل فكرنا الإسلامي وكل حضارته فطمس كل هويته ....
أما فقه العبادات والمعاملات والعقيدة فتضلع فيها كما تشاء لأنك إن علوت بها أي منبر فكري أو سياسي فلن تكون إلا أضحوكة لكل العقلاء كما حالنا والنكت اليوم تتهاوى على إسلامويينا وتسلفينا وبعض متفيقهينا  كالمطر. .. 
بل وكل العالم اليوم يعد كل العدة لسحق كل تياراتهم القتالية المفبركة بدورها . 
فهل الأزمة صارت أزمة العرب المسلمين والمسلمون اليوم مواطنون بكل العالم؟
وهل الإسلام السياسي يحتاج لتطبيب بعد كل هذا السرطان الناسف؟
وهل هناك أمل ؟
4
البشرى:
 أن الصحوة بدأت بالفعل بل وستبدأ مباشرة بعد هاته الكوارث .
لأن البديل السياسي دوما يخلق الصراع بل ويتهافت عبره من هب ودب .. ويتنافس حوله وبه كل أهل الخطب الرنانة وأرباب الكلام الخادع وكل المتسلقين والمصلحين .. 
وبتهميش كل الإسلام السياسي ولو ظرفيا سيبقى الأمل كل الأمل إسلام السلام والأخلاق السمحة والسمو الروحي والتربية والفنون والحضار الإسلامية وكل الآداب وبكل أخوة وتسامح كما بعض الجماعات التربوية ... 
وهذا هو جوهر الإسلام  وعقل وقلب كل الإسلام الوسطي المعتدل....
فالوظيفة لم تعد مصالح مسلمين فقط ولا تقوي للسلطنة .. بل تبليغ لكل الأمانة الإسلامية ولكل الإنسانية :
إنها الدعوة لرحمة محمدنا عليه كل الصلاة وكل السلام ولكل العالمين..
فالإنسانية محتاجة للقلوب المومنة ولروحانيات الإيمان بالله ولكل جمالياتنا ولكل علوم الإسلام وفقهياته  بعيدا عن الإيديولوجيات المتسلطة .. ومهما تكن ..  
الإنسانية كلها بحاجة لروح الإسلام كله لا لتسلط المسلمين..
ولتبقى السياسة هامشا هاما للخاصة ولذوي الحل والعقد وكل ذي كفاءة .. 
وسيبقى لها من الإسلاميين خبراؤها  ومفكريها بل ومنزليها  جهد المستطاع  .. 
كما سيبقى الجهاد الحق بفلسطين مستمرا ولو خمدت حتى فصائله الحالية..
فالإسلام صار اليوم  إشكالية علمية وفكرية وتربوية وسياسية يتدارسها كل العالم..
فهل نسمح بعد كل هذا لاستغلال الدين جهلا أو ضلالا أو تسلقا ومصلحة ؟
أو سنسمح بالقول في الدين دون برهنة ؟
لا زال السرطان وللأسف قائما...
 لكن له أطباؤه ..
فكل مهمتها كمدرسة عرفانية للسلام الإسلامي :(أخونا الإنسان) ومهما يكن ... : 
الأنسنة بكل الإسلام وبكل تسامح وكل سلام :
 ( ومن شاء فليومن ومن شاء فليكفر).
5
بل وما الجهاد في الإسلام إلا استثناء وجهاد دفاع .. 
وخصوصا وأننا بعصر بنى فيه الرسول ببعض أحاديثه كل مستقبلنا ..
فالأنسنة إسلاميا وبكل تدرج وبكل فنية وحدها البديل ...
بل وليس كل من تراه من إخوتك  مذنبا بكافر:
بل ولربما بفكرة منطقية واحدة ستنقد أخا أو إخوانا لك من آدم نحو جنان الإيمان في الدنيا قبل الآخرة..
فلم بنادق فرض الحكم بما أنزل الله والله يقول :
(لا إكراه في الدين ؟) بل والرسول أكد بأن ( أول ما سيرفع الحكم بما أنزل الله ) ..؟
الإنسانية تحتاج قلبك الرحيم كمحمد صلوات الله عليه ( رحمة العالمين) إن كنت سنيا وكنت حقا مومنا ...
فكن رجلا وكوني حقا إمرأة: ولن تكوناها إلا مومنين :
(من المومنين رجال ) لا كل المسلمين .
( قالت الأعراب آمنا قل لم تومنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)
صدق الله العظيم.
فالمسلم الحضاري هو البديل .. ولا لإسلام الأعراب كبديل حضاري.
وليبقى كل نقدنا هذا لتياراتنا السياسية هاته واجب إصلاح لا غير.. بل ونقدا بناء لا غير ولا يعني منا عداء لهم كأشخاص ولا كمسلمين  : 
( فالمسلم أخ المسلم ) 
( وانصر أخاك ظالما أو مظلوما ) 
ونصرته إن كان ظالما نصحه فنقده البناء ثم حد كل ظلمه أخيرا إن  تمادى ..
6
إذ نعي وجيدا:  
بأننا في عصر جد مظلم إسلامويا وبأنا في مرحلة ما بعد الإستعمار والانتدابات والاحتلالات والتي لا زالت مطامعها الإمبريالية حائمة حولنا.. ونعي بأن الإسلاميين منا ككل المسلمين  ضحايا لمخططات قديمة  لا زالت كل مخاطرها واردة .. بل والعربي كأي مسلم يعيش مرحلة تناقضات بل وصراع هوية..
إذ صارت لنا كعرب ومسلمين ألوان لا تعد من التطرفات :
فلجانب كل ألوان التطرف الإسلاموي والتسلفي هناك كل ألوان التطرف العلمانوي بل وأنواع لا تعد من الإستلاب الكامل .. ولحد ازدراء البعض منا لكل التاريخ والحضارة العربيتين والإسلاميتين...
بل وعقل الفقهاء المسلمين ومفكرينا في حيرة جلية .. فما قولنا عن العقل المسلم؟
إننا عن دراسات ميدانية عميقة علمنا بأن الإسلام السياسي ليس بالحل الأول.. 
وبأن كل تياراته إن لم تطبب ستبقى وعلى الدوام من تهديدات المستقبل.
وبأن بناء العقل المسلم وتربية القلب المومن يحتاجان لتجديد مستمر...
ولا يعني هذا دعوة علنية ولا خفية منا لفصل الدين عن الدولة ..ولا لنسف كل البديل الإسلامي كما يتحمس اليوم الكثيرون..
 بل هناك المشترك الأول الذي لا نختلف جميعا عليه ( العلمية في أي تدبير)..
فكن علميا في سياساتك كلها تستقطب العلمانيين والإسلاميين معا ..
بل وعلمية التسيير بنية تنزيل كل البديل الإسلامي الغنية حلوله ربما سيكون من أكبر أبواب الدعوة لعلوم الإسلام كلها ولكل فقهياته..
فكن علميا تكن إسلاميا إن كنت مومنا بكل السنة .
والحوار الإسلامي العلماني يجب أن يكون بين مفكري التيارين وعلمائهما الباحثين حقا على الحقيقة لا سياسيي التيارين .
فالعلمية الحقة إسلامك ولو كنت ملحدا.    
 ولا أقول العلمانوية ولا العلموية كعورات للعلمانية الحقة.
فلنخاطب العقول أولا وبقلوب شفافة لعلنا نثمر..
وكلكم من آدم وآدم من تراب .
و(إنا أرسلناك كافة للناس)  (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)
 صدق الله العظيم.
7
والإسلام آت لكننا نشك في كل قدراتنا على هذا الشرف كعرب ؟
ولكن الأجمل ل أن إسلامنا اليوم يدرس وبجد في العديد من المحافل والمراكز والمدارس والجامعات الغربية....
ولهذا وبهذا سنأثر:
ولو في خفاء 
على كل العقل العالمي ..

مقدمة ثانية:

 يقول الله سبحانه للرسول صلى الله عليه وسلم : 
 (إنا أرسلناك كافة للناس بشيرا ونذيرا)
كما قال له أيضا : (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) .
ويقول صلوات الله عليه : 
( بعث كل نبي إلى قومه خاصة وبعثت للناس كافة )
مما يضفي على الإسلام صفة لم تكتب لدين قبله وهي صفة : (العالمية)  بمعنى :
 أن رسالته رسالة تهم كل العوالم وكل الإنسانية ، بل وإن كانت رسالته رسالة تكليف للإنس والجن فهي رسالة تشريف حتى للملائكة  ..
 وما دام الإسلام هو خاتم الديانات فهو بالتالي الناسخ والجامع لكل أسرارها وبذلك اكتملت في الإسلام كل غايات الله من التدين الكامل ، واكتملت في شخص محمد صلى الله عليه وسلم أسمى صفات الإنسانية الكاملة حتى أن الله فضله على الناس كلهم كما قال صلى الله عليه وسلم : (أنا خيركم ولا فخر) ..
فهوصلوات الله التامات عليه خير خلق الله أجمعين  كما تأكد هذا وجبريل يقف عاجزا على تحدي سدرة المنتهى قائلا له : 
(يامحمد إذا تقدمت اخترقت وإذا تقدمت احترقت ).
فوصل الرسول صلى الله عليه وسلم منزلة لم يطأها نبي مرسل ولا ملك مقرب وبذلك ثبت قطعا بأن الإنسان ورغم ضعفه كما قال الله تعالى : ( وخلق الإنسان ضعيفا )  جعل الله فيه أسرارا لم يجعلها  حتى في مخلوقاته السماوية العملاقة والنورانية المتينة الخلق والشديدة القوى، بل وسخر له مافي البر والبحر وكل ما في السماوات بل وسخر له حتى ملائكته الأطهار سبحانه من كريم رزاق خبير عليم ... سبحانه . حتى قال بعض المحققين بأن الإنسان وخصوصا الكامل هو العلة الغائية من الخلق بل والغاية من كل الوجود : 
فلا كمال يضاهي كمال الإنسان إن كمل : 
ولكن ولا بهيمية توازيه إن رذل.
فقد وضعه الله تعالى برزخا بين عالمين جد متناقضين :
عالم سامي : يعلو به نحو كل الكماليات والمعنويات والماديات الخالدة العلوية المحثة على توازنه بكل المستويات....
وعالم دنيء : يدعوه للهث وراء شهواته وغرائزه وضرورياته الدنيوية بانقطاع تام عن أبديته بل وفكره السامي وقلبه وروحه .
فإن سمى الإنسان وركز على جانبه العلوي ( فكره وقلبه وروحه) علا بل وضاهى الملائكة  كما قال عليه الصلاة والسلام في حدسث قدسي :(الشاب التائب خير عندي من بعض ملائكتي )
وإن ردل وركز على جانبه السفلي( بطنه وفرجه وجاهه) تدنى لحد البهيمية بل وانحنى من إنسانيته البشرية للبشرية البهيمية : 
( هم كالأنعام بل هم أضل) وربما للشيطنة : 
بل واشتركت فيه أخلاق البهائم والشياطين فكان أخس وأشر وأحط مخلوق مهما ظن بأنه على شيء... ومهما علت علومه في الدنيا :
( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهو عن الآخرة هم غافلون).
( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألذ الخصام ..) .. صدق الله العظيم .
فكيف يبقى الإنسان إنسانا؟
 بل ومن هو الإنسان إسلاميا ؟


قيمة الإنسان في الإسلام :

إن الإنسان ـ في شخص محمد ـ صلوات الله عليه خير الناس وخير الخلق ، قد إكتملت  فيه الصورة الباطنة للألوهة أي إكتمل بكل الصفات الحسنى الفاضلة النسيبة في  الإنسان والجائز  له التخلق بها بنسبياته لا بمطلقات الإله سبحانه وتعالى الرحمان وحده...
فالإنسان يشارك الله في صفاته العلى عبودة لا تألها :كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله خلق آدم على صورته) بمعنى مقدرة الإنسان على التخلق نسبيا بكل صفات الألوهة لا الألوهية والربانية لا الربوبية : كالرحيم والكريم والرؤوف والخبير والمومن والحكيم ....
وفيه فقط كمال صورة الأسماء التي يأمها  إسم الله في الدنيا كإسم دال على الإله الرحمان لا على ذات الإله  سبحانه.
ولهذا رقى الإسلام بالإنسان رقيا لم يحلم به حتى الأنبياء عليهم السلام إذ  قال الله تعالى عن عباده المقربين : (أعددت لهم ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) 
بل ولا يعلم الأسرار الكاملة والجليلة التي أرادها الله لهذا الإنسان في آزاله وآباده  إلا هو سبحانه العليم  القدير الكامل ما أكرمه؟.
لكن  هذا الإنسان المكرم ( وكرمنا بني آدم) ورغم معرفته البليغة بخفايا الطبيعة وبالعديد من علومها المادية وبكل تفاصيل دنيوياتنا هاته,. لازال يجهل حقيقته أو على الأصح قيمته عند الله.. والتي لا يمكن له معرفتهاإلا باكتشاف كل طاقاته الفكرية والقلبية والروحبة أولا....
فالإنسان متى فكر  ومتى شخص نفسه بحكمةوصل إلى ما خفي عن غيره من آيات الله  فيه كما أمر بذلك سبحانه : 
( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) :
فالله كرم الإنسان بكثير من المميزات والمزايا التي لم يهبها لمخلوق غيره نذكر منها :
ــ أن نفخ فيه من روحه والروح من عالم الأمر ( قل الروح من أمر ربي ) لا من ذات سبحانه وتعالى سبحانه عنا وعلى كل العالمين ..
إذ قال الله عز وجل :
( ونفخت فيه من روحي )
ــ أن أسجد له ملائكته........................ :
( وإذ قال ربك للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا )
ــ أن جعله خليفته في الأرض................ :
( إني جاعل في الأرض خليفة )
ــ أن علمه علم كل الأسماء مما يعني تعليمه كل علوم الأشياءتسخيرا لها له:
(وعلم آدم الأسماء كلها )
ــ أن جعل له سمعا وبصرا ......... :
( وجعلناه سميعا بصيرا)
ــ أن خلقه كامل مكتملا ...................... :
( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )
ــ أن أودع فيه كل الخير .................... :
( وإنه لحب الخير لشديد )
ــ أن خصه مع ملائكته الكرام برسالاته دون الجن .............
(الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس )
ــ أن فضله على العديد من المخلوقات ..... :
( وفضلناه على كثير ممن خلقنا تفضيلا )
ــ أن أحدثه وخلقه بعد عدم ............ :
( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا )
ــ أن عادى من عاداه................. :
( لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء )
ــ أن خصه بكل النعم ................. :
( وآتاكم من كل ما سألتموه )
وتتتالى نعم الله الظاهرة والباطنة علينا منه سبحانه الكريم السبوح المتعال.. إلا أن الإنسان كما قال تعالى : ( لظلوم كفار )..
 ورغم أن الله قد أغدق علينا من كامل نعمه التي لاتعد ولاتحصى:
(وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها)
 فكان تكريم الله عز وجل للإنسان كاملا كما تمليه الآية الكريمة :
( وكرمنا بني آدم )
بل ويسر له حتى الإرتباط الكامل بذاته سبحانه .. فيسر لنا كل الدين:
( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ). 
فلم يأمرنا إلا بالشهادة بوحدانيته والإعتراف بوجوده والحفاظ على فطرتنا البشرية سليمة طاهرة الفكر والنفس والقلب والروح والجسد ...
بل  ولم يطالبنا سبحانه إلا بحفظ أنفسنا من عدونا الألذ إبليس ومن كل ما ومن يضرنا في الدنيا والآخرة : ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) .
فالذي يضر في الدنيا ويشقي فيها يضر في الآخرة : 
قلم يدعنا سبحانه  سوى لسعادةالأبد : 
ف (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك 
في أي صورة ما شاء ربك؟ )
بل ومن أجل خطايانا سمى نفسه سبحانه الحليم والرحيم والغفار والغفور والصبور فما أصبره سبحانه علينا ؟ كما قال سبحانه :
 (نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم )
فرحم خطايا عباده  بستره ومغفرته ..
فما الإسلام كله إلا  رحمة الله المهداة للعالمين:
و (كل بني آدم خطاؤون وخير الخطائين التوابون)
فأعطانا كل فرص الإنابة والرجوع الدائم له ..
ووفر لنا كل شروط وكل أساليب بل وكل كماليات السعادة :
ولحد تعذيبه لمن لم يرد أن يكون به سعيدا .


من مميزات الإنسان إسلاميا :

وبهذا يتضح عكس كل نظريات الإلحاد الهزيلة عقلا ومنظقا والمسيئة للإنسان ـ كالداروينية ـ وغيرها من الديانات المحرفة أو الوضعية :
بأن الإنسان مخلوق سماوي يسكن الأرض بعد خطيئة الأب آدم والأم حواء عليهما السلام : فهو مخلوق سماوي من تراب الأرض ...لاحفيدا للقرود أو الأسماك كما تقزمنا وتريد مسخنا النظريات الضالة المضلة التي لاتفرق بين الإنسان وسائر الحيوانات لحد جعلهم لا يرتاحون إلا بين الحيوانات ولحد .........
بل الإنسان إن آمن حقا أكد بأنه من أكرم خلق الله.. وإن كفر فهو من أخس الخلق مهما بدا بريقه الدنيوي:
(وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم )
(إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البريئة إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البريئة)
فللإسلام إذن رؤيا تكريمية للإنسان بغض النظر عن جنسه أو لونه أوعرقه أو نسبه أو لغته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
(لافرق بين عربي ولا عجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى ).
فتفاضل الناس في الإسلام له ميزان واحد  :
(إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ..
والتقوى هي الإلتزام الكامل بكل الفضائل والآداب الإسلامية التي تطهر الإنسان قلبا وقالبا وجسدا وروحا..وتقيه من كل الشرورر وكل موجبات التعاسة والعذاب دنيا وآخرة.
ودون هذه المزية فالمساواة بين جميع  الناس مبدأ ثابت في الإسلام كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(كلكم سواسي كأسنان المشط)
عكس كل المذاهب العنصرية وبما في ذلك العدو الألذ للإسلام والمتمثل في الصهاينة  الذين يميزون جنسهم عرقيا وبيولوجيا على كل الناس ..و لحد الحماقة في ادعاء بنوتهم لله سبحانه وتعالى عن أباطيلهم علوا كبيرا..
بل  ونزعوا صفة الإنسانية عما سوى شعبهم المختار إفتراء ..  فالإنسان في الإسلام إذن :
1ــ له أصل واحد هو الأب  آدم ثم الأم حواء عليهما السلام  عبر تجانسهما ثم تجانس من تلاهما فآدم أب البشرية جمعاء وأول نبي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
(كلكم من آدم وآدم من تراب ) 
ولهذا  ينادي الإسلام بالأخوة الإنسانية وتساويها  وبطيب أصلها.
2ــ له وظيفة ولم يخلق سدى :
 ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لاترجعون )
3 ــ خلق لعبادة الله وعمران الدنيا بكل حلال  :
 ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )
4 ــ له حياة خالدة في الآخرة وله بعثه بعد الموت وسيحاسب عن كل أعماله : ( وللدار الآخرة هي الحيوان لوكانوا يعلمون )
ــ للعالم الذي يعيش فيه انذثار وقيامة يبعث الله فيها كل الأموات ويبدل الله بها كل الأكوان: 
( وبدلت الأرض غير الأرض والسماوات مطويات بيمينه )
ولهذا يستنكر الإسلام كل نظرية توحي بعكس هذا ..
ويستنكر كل ما يحط من قيمتنا كعبيد لهذا الإله العظيم الأعظم سبحانه.
ويستنكر كل النظريات التي تغلو بالإنسان لحد تفضيله على كل الملائكة أو تنقص من علويته لحد نعته بالحيوانية دون تميز ولا تمييز .
فقيمة الإنسان إذن في الإسلام ليست في جنسه ولا أي من كمالات دنيانا الفانية هاته.. بل في مدى طاعته لله وعدم نكرانه لجميل هذا الإله العظيم الذي سخر له ما في السماوات وما في الأرض .
ولهذا كا الإسلام وكان القرآن ليبقى هذا الإنسان حقا إنسانا بتدينه:
وما الدين إلا تربية فكرية وقلبية وروحية أولا لك أخي الإسلام.
بل وظاهر الإسلام دون فكره وتربيته لا ولن تحافظ على إنسانيتك إن لم تبن العقل والقلب فالروح..
فاعرف نفسك تعرف ربك أخانا من آدم عليكما السلام.


الإسلام كمنقد لكل لإنسانية :

ولقد جاء الإسلام في عصور كانت الإنسانية كلها تعيش فيه كل مذلات الظلم والفساد والخرافة والشعودة والتكبر لحد استعباد الإنسان لأخيه الإنسان .. وفي زمن كانت تحكم فيه الشعوب بكل أنواع الإستبداد ووألوان الظلم واحتقار الغير..
 بل ولحد حكم الشعوب بالكهنة والسحرة الذين عرفوا كيف يخترقون مجالس الملوك ..
بل  وفي عصر كانت المرأة فيه تهان لحد دفنها حية  ..
وفي عصر قل فيه العلم وعبدت فيه الأوثان حتى صارت كعبة الله المكرمة كمزبلة أوثان ..
 وفي عصر قال عنه أحمد شوقي رحمه الله عن نبينا عليه كل الصلاة وكل السلام ::
أتيت والناس فوضى لاتمر بهم
إلا على صنم قد هام في صنم
والأرض مملوءة جورا مسخرة
لكل طاغـية في الخلق محتكم
مسيطر الفرس يبغي في رعيته
وقيصرالروم من كبر أصم عم
يعـذبان عباد الــلـه في شـبه
ويـذبـحان كما ضحيـت بالغـنم
والخلق يفـتك أقواهم بأضعفـهم
كالليث بالبهم أو الحوت بالبلم
فقد جاء الإسلام بكل إيجاز ليعيد للإنسان إنسانيته الحقة ويعالج كل هاته الأزمات الجاهلية كما قال الفيزيائي المعروف أنشتين :
 (إن عظمة الإسلام تتركز في عوامل ثلات : أنه أحدث الأديان، وأنه لايخاصم العلم ، وأنه يستطيع أن يعالج أزمات العالم )
  وكما قال جستاف لوبون في كتاب حضارة العرب :
 (إن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب ولا دينا سمحا مثل دينهم ، هوإنصاف للحق قبل أن يكون إنصافا للمسلمين ) ..
لكننا كمسلمين لم نفي بما تحمله هاته الرسالة من فضائل كالسابقين منا:لحد جهل حتى مرشدي بعض جماعاتنا اليوم بهاته الغايات والمطالع الإنسانية للإسلام...بل وأصبح العديد من علمائنا حائرون مرتبكون أعانهم الله : فوالله إن عقلنا الفقهي اليوم جد مرتبك ولابد من إعادة برمجته بكل تجديد.
فالفقيه اليوم محتارفكيف بالمسلم الذي لم يعد له من إسلامه إلا الإسم؟ فلسنا متخلفين عن الغرب كمسلمين فلا تقدم له إلا بريقا بل نحن متخلفون عن القرآن.
فقد أسأنا كمسلمين لديننا كما قال السيد رؤوف في بعض هاته النقط :
1ــ الأمة العربية والإسلامية اليوم لم تفعل شيئا لإظهار الإسلام وإبلاغه للمحتاجين إليه في العالم ، بل كتموه وأهملوه.
2ــ الإسلام ليس مسئولا عن انحطاط المسلمين بل إنحطاطهم جاء  من تركهم تعاليمه..
ــ أن التشويش والكلام المغرض عن الإسلام يصد كثيرا عن دين الله ..ويلزم أن يقوم المسلمون والمخلصون ببيان وجه الحق للناس
3ــ أن الإسلام هو الذي أخرج العالم من الظلمات وأنه أفضل دين لإنقاد البشرية جمعاء..
ــ شهادة المنصفين على ذلك واحترامهم للثقافة الإسلامية وتقديرها وإعترافهم بها .
وبهذا يكون الإسلام هو دين الحضارة الإنسانية في أرقى معانيها كما قال هاري هنكل :
 ( وجدت الإسلام يشجع على متابعة الحقيقة.. إن صحائف التاريخ مملوءة بالحقائق التي تثبت عرقلة الديانات الأخرى للمدنية والعمران) 
بل وقد لعب المسلمون دورا رئيسا في قيام هاته الحضارة الإنسانية التي يريد أن يستبد الغرب بها ويتفرد بامتلاكها بل الحضارة القائمة كانت مبنية على الجهد الكبير الذي قام به علماء الإسلام لحد دراستهم لكل الحضارات السالفة وتلقين اجتهاداتهم فيها لكل الناس بما في ذلك الغربيون الذين لايريدون أن تظهر هاته الحقائق تعنتا منهم وجحودا بالجميل الإسلامي فقد قال أحد المفكرين 
: ( لقد نقح المسلمون حضارة اليونان وزادوا عليها ثم أهدوها للغرب في طابق من ذهب ).
وليس الإسلام عبر محمد صلوات الله عليه  فقط من ساهم في هاته الحضارة بل كل الأنبياء والرسل السالفين عليهم السلام قد وضعوا لبنات راسخة لبناء الحضارات الإنسانية قديما وحديثا.. ولحد مساهمة الأنبياء حتى في الإقتصاد وكل علومه (يوسف عليه السلام ) وفي الفلاحة ( آدم عليه السلام)  وفي الصناعة ( داوود عليه السلام) وفي الخياطة (إدريس وداوود عليهماالسلام). وفي المعمار والآثار وكل الرقي المادي الإنساني ( سليمان عليه السلام)...
فالإسلام دين كل الأنبياء ولولا رسالاته المتتالية منذ آدم عليه السلام وعبر كل الرسل لنست الإنسانية حتى لغاتها..
فالأنبياء لم يبنوا فقط معنوياتنا  كما يظن البعض : بل بنوا كذلك مادياتنا :
فلولا رسالات السماء لما وصل الإنسان إلى أي تقدم :
لا مادي ولا معنوي ولا أية حضارة..
بل ولفقد الناس كل توازناتهم  وصاروا بلهى  تتصيدهم الذئاب والوحوش كأرانب..
بل ولبقينا في عصورنا الحجرية الأولى.
ولهذا فإن البديل الحضاري إسلاميا ليس نابذا لكل هاته الحضارة الإنسانية القائمة حاليا لأن المسلمين وكل الأنبياء عليهم السلام قد ساهموا فيها ماديا ومعنويا ..
وما بديلنا اليوم إلا  تطبيب لهاته الحضارة من كل جاهليتها بعد زيغها البين اليوم وجهلاء الإسلام يشنون الحرب على كل المسلمين وكل الإسلام باسم التسنن الزائف وللأسف..
فوجب ربط كل يقظاتنا المقبلة بحول الله تعالى بروح الإيمان الحق الذي تميز به صلحاء هاته الأمة..
 ولتكتمل جنة الأرض التي لا تنقصها اليوم سوى القيم..
والإسلام بما يملك من قيم روحية وحقائق علمية وبما يحث عليه من محافظة عملية على القيم كفيل بأن يمضي بالحضارة القائمة اليوم حتى سدرة المنتهى بحول الله تعالى ..
وقادر على أن يعطي للإنسان كل نظارات بصائره التي لم يزدها انحراف الكافر إلا عمى وفسادا وتعاسة ..
فالإسلام إذن كفيل بأن يعيد للإنسانية سعادتها الفكرية والقلبية والروحية لجانب ثرائها المادي المأكد ..
بل وتحريرها من كل  الماديات المتألهة اليوم على معظمنا ..
والتي يجب أن تبقى في يد الإنسان لافي قلبه :
وأن تبقى وسيلة عيش .. وسيلة عيش لا غير.

زبدة القول :

زبدة القول :
ولهذأ فإن لخاصية الإنسانية في المذهبية الإسلامية مبادئ مهمة نجملها في :
1ـــ مبدأ المآخاة بين كل البشر:  فكلنا من آدم وحواء عليهما السلام فكلنا إخوة نسبا ودما  بل ولكل الإنسانية  إله واحد أحد لا شريك له .
2ـــ مبدأ التعارف الذي يمليه قوله تعالى : ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا )
 مما يِؤكد خاصية التعايش مع غير المسلمين : 
( وإن جنخوا للسلم فاجنح لها )
3ـــ مبدأ خيرية الأمة الإسلامية : الذي تمليه الآية الكريمة:
 (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر) 
ودون هذه الدعوة للخير وهذا الحث على المعروف ودون تطبيب المنكر لا خيرية  لنا كأمة ولا لغيرنا .
4ـــ مبدأ التكريم الذي يفيد تكريم الإنسان حتى لغير المسلم كما يمليه قوله تعالى : (وكرمنا بني آدم) ..
والآية عامة .. فلا  يهين القرآن إلا من حارب الله ورسله والمومنين وسعى للعلو والفساد في الأرض .
فالإنسان بنيان الله ملعون من هدمه لا ماديا ولا معنويا ..
ولتحقيق كل هاته الغايات لابد للعاملين في الحقل الإسلامي من الإهتمام ببناء الفكر الإنساني على أسس الإسلام علميا لا إيديولوجيا.. 
ثم تأسيس منظمات وجمعيات خاصة بكل الأعمال الإجتماعية والخيرية والإنسانية والروحية والعلمية التي يدعو لها الإسلام : والتي للأسف نرى الكافر قد اهتم بها عالميا أكثر منا ، حتى صارت أدوات حرب بين يديه باسمها يبني وباسمها يدمر وعبرها يملي جل أطماعه...في الوقت التي تمنع العدد من دويلاتنا كل مسلم حق عن  ممارساته المدنية .. متساهلة مع كل الجمعيات وكل الحركات الخارقة عن مكر وأطماع فينا والساعية حتما لكل خرابنا البين اليوم.
ولهذا فإن الخيرية في الإسلام لن تكتمل ما لم تبنى على الحق والنية الخالصة  ودون إستغلال للمقدس ..ودون بناء الإنسان المكرم  : 
فالله كرمنا وأمرنا بتكريم كل الناس ما لم يحاربونا في الدين وما لم يسعوا في الأرض فسادا ..
فمن الواجب محبة الإنسان لداته كبشر وأخ من آدم ..
ومهما كرهنا أعماله.
ولكن  عبر سنة التدافع الأبدية :لأن العمل على المصلحة يدعو لرد كل المفاسد والدرائع التي تحول دون تحقيقها..
فوجب رفع القرآن بكل تعاليمنا السمحاء كأدوية لأخينا الإنسان المريض والضال والجاهل إذ وحدنا نملك دواءه  :
 وإن نجحنا فسننقد العديد من إخوتنا من آدم .. ومن تعاسة الدنيا قبل جحيم الآخرة ..
 فكم من ضال وكافر وكم من  ملحد  يحتاج  اليوم فقط جملة منطقية منا ليومن ..:.
فبالإسلام كدواء يجب أن ندخل قلب الحياة الإنسانية لا العيش على الهامش كما تملي خطط أعداء الإنسانية :
 وإن كان التطبيب أحيانا يتطلب  عمليات جراحية دامية : فمن أجل الخير والحق والمكارم الإنسانية العليا : وليس دفاعا عنا كمسلمين أو دفاعا عن مصالح جل جماعاتنا/عصاباتنا  المخترقة اليوم بعصابات الجرائم الدولية وعصابات الأسلحة العالمية:
فالمسلم الحق لم يكن على مر التاريخ أبدا أنانيا نرجسيا  كما بعضنا : فالعديد من الناس يكرهون الإسلام اليوم بسبب سلوكاتنا الجهولة ولجهالاتنا البليدة بل والمبلدة .
فالأرض بآلام أخيك الإنسان تستغيث.. 
فلتطببه يا مسلم باسم الرب الشافي العفو الرحمان الرحيم المغيث رب كل الناس ..
فوحدك تملك الدواء : 
لكنك لن تستطيع أن تهدي دواءك إلا إن تشافيت أنت أولا  : (فاستهدوا تهتدوا ثم تهدوا يا مسلمين)
يا من بأيديكم كتاب نزل من عرش الرحمان.. وكتاب أغلى من كل السماوات والأرض  : 
..فيا مسلمين :الناس عيال الله مرضى فقراء : وقرآننا نعمتهم  ودواؤهم : فاهدوا نعم ودواء الله لكل الفقراء له ..
بل وقبلهم نحن  وأنتم في حاجة أكبر له :  
وكل الناس من أب نبي عليه السلام فكيف تقطعون نسب النبوة عن إخوتكم ؟
( وكرمنا بني آدم ) .
 فلماذا نرفض التكريم ونعم السماء : ونرفض كل نعمة الإسلام لله كدواء .
فلا تداوينا ولا داوينا بل شقينا وأشقينا :
فألا نتحمل كمسلمين مسؤوليات كبرى 
في كل ما آل له العالم والإنسان ؟
ألسنا مسؤولون عن مجاعات إفريقيا مسؤوليتنا عن باغيات هوليود ؟ومسؤولون عن شبابنا وكل الشباب الحائر اليوم بين الحضارات؟.
ألسنا مسؤولون عن أطفال اليوم وشباب كل الغد؟
وإلا فا جوابنا غدا عن قوله تعالى:
 وقفوهم إنهم مسؤولون.؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق